الدوحة/ 18 يوليو //ان ان ان -قنا//–تندرج زيارة دولة السيد فوميو كيشيدا رئيس وزراء اليابان، لدولة قطر، في إطار الحراك الدبلوماسي المكثف الذي تشهده الدوحة حاليا، كما تأتي في سياق العلاقات الطيبة بين البلدين وشعبيهما الصديقين، وتماشيا مع حرص ورغبة قيادتي الدولتين ورغبتهما في تعزيز وتطوير هذه العلاقات ودفعها نحو آفاق أرحب وفتح الأبواب أمامهما للارتقاء والنمو في مجالات جديدة.
وتعكس الزيارة رغبة وحرص القيادتين على الارتقاء بمستوى التعاون والتنسيق بين الطرفين لما فيه مصلحة البلدين وشعبيهما الصديقين وصالح السلام والاستقرار الدولي.
وللعلاقات القطرية اليابانية تاريخ ناصع تشهد عليه عقود من الشراكة المثمرة والعلاقات البناءة التي رسمت صورة مشرقة في العلاقات الثنائية بين الدول، حيث تأسست العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1971.
وتنطلق جهود تعزيز وتوثيق الروابط مع اليابان من الرؤية السديدة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى حفظه الله، لنقل العلاقات من مرحلة التعاون إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
وتتسم العلاقات القطرية اليابانية بعمقها التاريخي وتطورها من عام إلى آخر، فهي تستند إلى أسس الصداقة القوية والتعاون المشترك والاحترام والثقة بين البلدين.
وقد ساهمت الزيارات المتبادلة على مستوى كبار المسؤولين من البلدين في تطوير وتوسيع العلاقات الثنائية، وكان من أبرز هذه الزيارات في السنوات الأخيرة من الجانب القطري، زيارات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى “حفظه الله” لطوكيو في سبتمبر 2022م للمشاركة في مراسم الجنازة الرسمية لرئيس الوزراء الياباني الأسبق شينزو آبي، وزيارتا سموه لطوكيو عامي 2019 و2015، ومشاركة سموه “حفظه الله” في حفل تنصيب جلالة الإمبراطور ناروهيتو إمبراطور اليابان، بتاريخ 22 أكتوبر 2019م، ومن أهم الزيارات من الجانب الياباني لدولة قطر، زيارة إمبراطور اليابان ناروهيتو، للدوحة عام 1994م، عندما كان وليا للعهد، وزيارتا رئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي في أغسطس 2013م، وفي مايو 2007م.
وتعكس الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين والإعلان المشترك بشأن إقامة آلية حوار استراتيجي، الرغبة الصادقة في تعزيز العلاقات الثنائية بينهما وتشجيع التعاون المستمر في كافة المجالات.
وقد تركزت العلاقات الثنائية منذ تأسيسها على الجانب الاقتصادي وفي قطاعي التجارة والطاقة بالدرجة الأولى، إلا أنها بدأت خلال السنوات الأخيرة تتنوع لتشمل مجالات متعددة كالسياسة والأمن والدفاع، والاستثمار، والتعليم، والصحة، والبحوث العلمية والطبية، والعلوم والتكنولوجيا، والسياحة، وتطوير البنى التحتية، وتطوير الموارد البشرية وتدريب الكوادر، كما احتفل البلدان العام الماضي بالذكرى الخمسين لتأسيس هذه العلاقات من خلال تنظيم العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والرياضية المتنوعة في كل من الدوحة وطوكيو لإحياء هذه المناسبة التاريخية.
وتتوافق رؤى البلدين الصديقين تجاه حل الأزمات العالمية، بوضع الحوار القائم على مبادئ المساواة والالتزام بالقانون الدولي، أساسا لتحقيق السلم والأمن الدوليين في العالم، وفي أواخر يناير الماضي، عقدت في مقر وزارة الخارجية في العاصمة اليابانية طوكيو، جلسة الحوار الاستراتيجي الثاني بين حكومتي دولة قطر واليابان.
وجرى خلال الجلسة مناقشة توسيع الاستثمارات المشتركة في مجال الطاقة، وتعزيز العلاقات الثقافية، والتعاون وتبادل الخبرات في مجال الأمن السيبراني، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في المجال الدفاعي، وتبادل الخبرات في المجال التكنولوجي، فضلا عن تعزيز الاستثمارات الخاصة، وتبادل زيارات رجال الأعمال في البلدين.
كما اتفق الطرفان على تبادل المذكرات بشأن إعفاء المواطنين القطريين من تأشيرة الدخول عبر بدء العمل بنظام التسجيل المسبق للمسافرين القطريين إلى اليابان. كما عقدت بالدوحة منتصف يونيو الماضي الجولة الرابعة من المشاورات السياسية بين دولة قطر واليابان، وجرى خلال جولة المشاورات السياسية استعراض علاقات التعاون الثنائي، وسبل دعمها وتعزيزها.
وتعتبر اليابان من أهم الشركاء التجاريين لدولة قطر، ولا سيما في مجال الطاقة، فدولة قطر أحد الموردين الأساسيين للغاز الطبيعي المسال لليابان، التي تعد الشريك التجاري الأول لدولة قطر، وقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين في الأعوام الأخيرة، حيث بلغت قيمة صادرات دولة قطر إلى اليابان عام 2021 أكثر من 43 مليار ريال قطري، فيما شكلت الواردات ما قيمته أكثر من 3 مليارات ريال، ليشكل الفائض التجاري أكثر من 39 مليار ريال قطري لصالح دولة قطر.
وتساهم كبرى الشركات اليابانية في مشاريع البنية التحتية الحيوية في قطر مثل مترو الدوحة، ومطار حمد الدولي، ومشاريع التوسعة المتصلة بقطاع الغاز الطبيعي المسال، ومحطة الطاقة الشمسية العملاقة في الخرسعة، وغيرها.
كما توسع التعاون بين البلدين ليتجاوز مشاريع الطاقة والبنية التحتية ليشمل التعاون في مشروعات واعدة، مثل الاستثمار المشترك في محطات الطاقة في دول ثالثة وإنتاج أنواع جديدة من الطاقة النظيفة، وكذلك مشروع “الجينوم البشري” الذي يهدف إلى الحصول على علاج طبي أكثر دقة وقابلية للتطبيق لجميع البشر، ومشروع “غولدن باس” للغاز الطبيعي المسال، ومشروع “سهيل سات” للأقمار الصناعية، ومصنع لزراعة الخضراوات بدون تربة، ودعم جامعة قطر للدراسات الإسلامية في اليابان، ومصنع تجريبي لتحلية مياه الصرف الصناعي.
وترتبط العلاقات بين دولة قطر واليابان بروابط شعبية وإنسانية، فقد قدمت قطر دعما لليابانيين العالقين في دول أخرى في بداية أزمة كورونا /كوفيد-19/ وقامت بإجلاء اليابانيين من أفغانستان، وعلاوة على ذلك، قدمت قطر الدعم للشعب الياباني بعد الكوارث الطبيعية التي تعرضت لها اليابان، مثل الزلازل وموجات التسونامي، من خلال صندوق الصداقة القطري لإعادة إعمار مدينة أوناغاوا التي تعرضت للدمار جراء التسونامي في مارس 2011.
وتقع اليابان في شمال شرق آسيا بين شمال المحيط الهادئ وبحر اليابان، وتتكون من سلسلة طويلة من الجزر تمتد لنحو ثلاثة آلاف كيلومتر، وتبلغ مساحتها 378000 كيلومتر مربع، ويزيد عدد سكانها عن مائة وسبعة وعشرين مليون نسمة، وتحتل المناطق الجبلية ما يزيد عن سبعين بالمائة من أرض اليابان، ويتكون الباقي من البحيرات والسهول.
والاقتصاد الياباني هو ثالث أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين، كما تحتل اليابان المركز الثاني في مجال الاتصالات، والتكنولوجيا الحيوية وتشهد تطورا مستمرا في مجالات الصناعات الدوائية والفضاء.
وقد استمدت اليابان مكانتها العالمية بالاعتماد على الصناعة الثقيلة القائمة على تحويل المواد الأولية المستوردة، فهي أول منتج للحديد والصلب في العالم وثالث قوة في تكرير البترول، وأول منتج للسيارات، وتعتبر الصناعة واحدة من ركائز القوة الاقتصادية اليابانية. ففي هذا القطاع تأتي اليابان في المركز الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة وتحتل مركزا مهيمنا في مجال بناء السفن، وتساهم بأربعين في المائة من الإنتاج العالمي للسفن وتمتلك ثاني أكبر أسطول تجاري في العالم.
وتعتبر اليابان بين أكبر المنتجين والمصدرين في العالم للسيارات والمعدات الإلكترونية، والآلات والصلب والمعادن غير الحديدية والسفن والكيماويات والمنسوجات والأغذية المصنعة.
شبكة أنباء عدم الغنحياز – س.ج